Tuesday, December 27, 2016

مفهوم الدولة

قراءة في كتاب مفهوم الدولة
د. عبد الله العروي

قراءة ماجد العلوان, مراجعة مي عبد الوهاب


يمكن اعتبار كتاب المفكر عبدالله العروي "مفهوم الدولة" مساهمة نوعية في الفكر السياسي العربي. وتتجلى اهميته في ان المؤلف توخى تقديم نظرية الدولة عن طريق مناقشة آراء كبار المفكرين الذي تعرضوا في كتاباتهم  للدولة ومعناها ومعرفة مواطن النقص في كتاباتهم حول الدولة. إن الناتج والمحصلة النهائية لهذه المناقشة هي تكوين نظرية للدولة القائمة. إن النظرية التي يتحدث عنها العروي لها أساسان لايمكن ان توجد نظرية حول الدولة إلا بهما. الأساس الاول هو ادلوجة الدولة المتجسدة في الشرعية التي تتمتع بها بين الافراد و إجماعهم حولها. والاساس الثاني يتمحور حول اجهزة الدولة المادية ويقصد بها البيروقراطية المدنية والعسكرية. فالنظرية في نهاية المطاف هي تحليل أخلاقيات الدولة المتجسدة في الأيدولوجية (الشرعية والإجماع –العنصر المعنوي للدولة[1] وتحليل البيروقراطية المدنية والعسكرية (العنصر المادي للدولة). إن الدولة حتى يمكن وصفها بأنها قوية, فإن عنصري النظرية لابد أن يتواجدا جنبا إلى جنب. لابد أن يكون هناك إجماع بين الأفراد على شرعية الدولة القائمة. وثانيا, ينبغى أن تكون الأجهزة المادية للدولة معقلنة.[2]

الفصل الاول: نظرية الدولة الإيجابية

يتحدث هذا الفصل عن الاتجاهات الرئيسية التاريخية التي تناولت موضوع نظرية الدولة بشكل رئيسي او شكل ثانوي. ويمكن نسبة هذه الاتجاهات المختلفة الى ثلاثة مفكرين رئيسين أثروا على طريقة التفكير في مفهوم الدولة وهم على التوالي اوغسطين وكانط وهيغل. أولى هذه الاتجاهات الفكرية هي المدرسة الأوغسطينية التي تتحدث عن وجود حياة أخرى غير الحياة الدنيا التي يعيش فيها البشر, وأن السعادة الأبدية لا تتوافر إلا في تلك الحياة. وبمعنى آخر فإن هذه النظرة "توجه الدعوة إلى الوجدان الفردي لكي ينفصل عن قوانين الحياة الدنيا الخادعة العابرة ويتهيأ للحياة الآخرة."[3] إن الحياة الدنيا هي مجرد مرحلة مؤقتة ولحظة عابرة وجسر الى حياة ماورائية أبدية يجازى فيها الفرد على ما عمل من خير أو شر. وعليه فإن الدولة هي تنظيم بشري و كيان "اصطناعي" تتحدد شرعيتها او عدم شرعيتها من خلال تمكين الفرد من القيام بالأفعال التي تحقق غايته الأخروية. فإذا وفرت للفرد الوسائل والإمكانات وإزالت العقبات أمام تحقيق غايته فهي شرعية. وفي المقابل إذا هي لم توفر إمكانات أو تتيح الوسائل التي تمكن الفرد من تحقيق الغاية فهي غير شرعية وهي شر محض وتصبح طاعتها محل تساؤل. والاتجاه الثاني في  البحث عن تعريف الدولة يأتي هذه المرة من كانط ومن فلسفة الأنوار. حيث تقرر هذه النظرية  أن الفرد لديه غايات ذاتيه كالمعرفة والرفاهية والسعادة  يسعى الى تحقيقها من خلال استغلال الطبيعة المحيطة به. ويتمخض من ذلك أن الأفراد يكونون في النهاية المجتمع والذي يكون بدوره يمكن وصفه بأنه " نظام طبيعي ضروري, فهو بالتالي معقول متكامل متجانس"[4]  وينتج من ذلك أن الدولة ظاهرة ناتجة من الاجتماع الطبيعي وخاضعة لأحكامه. وبالتالي فإن على الدولة اذا أرادت أن تكون وفية لظروف نشأتها  وبالتالي شرعية فإن عليها أن تخدم المجتمع وتسهل طرق التعاقدات بين الافراد وتحميها وتوفر العلم وتجعله متاحا للجميع. ويتقلص دورها لتكون فقط معنية بالحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي. ويمكن الاستنتاج من الاتجاهين السابقين, أن الدولة لم تكن هي الموضوع الرئيسي للبحث, بل احتلت مكانة ثانوية. أي أن القيمة قد تم وضعها خارجها في الغاية الأخروية كما في النظرية الأولى أو في المنفعة المجتمعية في الاتجاه الثاني. ولذلك فإن نظرية الدولة لم تجد التربة الخصبة لكي تنمو في تلك الاتجاهين. وكردة فعل على تهميش الدولة ووضع القيمة خارجها وجعلها وسيلة, قام هيغل الفيلسوف الألماني بقلب الطاولة على مسألة وضع القيمة خارج الدولة, وقام بوضع القيمة داخلها. فأصبحت الدولة غاية في حد ذاتيه وقيمة متعاليه على الوجدان الفردي والمنفعة. ويتضح ذلك جليا من تعريف هيغل للدولة والتي هي " الفكرة الأخلاقية الموضوعية إذ تتحقق, هي الروح الأخلاقية بصفتها  إرادة جوهرية تتجلى واضحة لذاتها، تعرف ذاتها وتفكر بذاتها وتنجز ما تعرف لأنها تعرفه" يسجل العروي ملاحظة مهمة بخصوص هذا التعريف الصعب فيقول " لا ينطبق التعريف على هذه الدولة أو تلك, لا اثناء التكوين ولا أثناء التطور والانهيار. إنما ينطبق على مفهوم الدولة عبر التاريخ."[5] بعبارة أخرى, إن التعريف الهيغلي للدولة مستخلص من قراءة أنماط التجمعات البشرية في التاريخ وليس شكلا واحدا من اشكال التجمعات الانسانية. غير أن هذا التعريف رغم تقدمه على الاتجاهين اللذين سبق وأن تم بحثهم, لم يسلم من النقد وخصوصا من جانب كارل ماركس.

الفصل الثاني: النظرية النقدية للدولة

يتناول هذا الفصل الانتقادات الموجهة من ماركس لهيغل بخصوص مفهومه الفلسفي عن الدولة. ويمكن تلخيص النقد الموجه لهيغل في التجريد الذي يتخذه هيغل عند الحديث عن الدولة ومفهومها. حيث إن هيغل يبدا من التعريف المجرد ثم ينتهي الى تبرير الواقع المعاش في وقته وهو النظام البروسي. حيث إن الدولة تمثل العقل في ذاته فهي دولة العقل المطلقة.  ثم هو من هذا المنطلق يبرر النظام الأرستقراطي في بروسيا. بمعنى آخر "وراء التحليل المنطقي الظاهر تكمن تجريبية تامة وواقعية فجة, لا يمكن أن تدعي بحال أنها معقولة فعلا وفلسفية حقا."[6] فمثلا هيغل يبرر وجود طبقة الموظفين العمومين بالتبرير التالي " إن أفعال الحكومات ذات طبيعة جوهرية, تنتمي إلى دائرة ما سبق تقريره حسب الجوهر, لكن ينفذها أفراد. ليس هناك تناسب بديهي تلقائي بين الأفعال الحكومية والأفراد, لأن هؤلاء ليسوا مهيأيين  منذ الولادة  للقيام بالوظيفة. لذا لا بد من امتحان يعطي الدليل على كفاءتهم. فالامتحان ضمان لقضاء حاجات الدولة وفرصة متاحة لكل مواطن لكي يلتحق بطبقة العموم."[7] إن النقطة الجوهرية والتي جعلت ماركس يتجاوز هيغل هو تبريره لوجود طبقة الملاك العقاريين البروسيين الذين لهم سيطرة فعلية على المجلس النيابي ومنها يخرج كبار القادة العسكريين واعضاء الحكومة الكبار بسبب ملكيتهم للعقار. أي أنها لاعب حيوي في الحياة السياسية للدولة ومفاصلها ولا يمكن اغفالها أو تهميشها.  ويكمن السبب في رأي هيغل لتمتع هذه الطبقة بهذا الدور الكبير في الحياة السياسية بالحقيقة التي مفادها ان هذه الطبقة عامل استقرار وثبات للحياة السياسية في بروسيا. يكمن في ان الملكية العقارية ثابتة وغير متقلبة بعكس الثروة الآتية من الصناعة أو التجارة ومن ناحية أخرى فإن نظام البكارية[8] يؤدي الى تجاوز الأخلاق الذاتية الى اخلاق موضوعية. وذلك كون نظام البكارية يضحي بالمساواة بين الورثة في وراثتهم للارض في سبيل استقرار الدولة وديموتها. و إجمالا يمكن القول بأن النفوذ الموجود لطبقة الملاك يرجع اصوله الى ارتباط الطبقة العقارية بالطبيعة أي الأرض والأصل الثاني هو تقديم الأسرة على الفرد أي نظام البكارية. ومن هذه النقطة الأخيرة يفند ماركس تبرير هيغل لقوة الطبقة العقارية ويقلبه. فيقول عن السبب الحقيقي في النفوذ يرجع إلى امتلاك العقار. إذ القوة ليست قادمة من الأسرة او نظام البكارية, بل القوة والنفوذ ينتجان من ملكية العقار وحجمه. وبناء على ما سبق فإن الدولة نتيجة للملكية الفردية للعقار. سيقوم إنجلز بدارسة للتاريخ اليوناني والروماني القديم ويتتبع أثر نشوء الدولة بظهور الملكية الخاصة وبداية اختفاء الملكية العمومية. حيث يلاحظ انجلز التغير الناشئ من ظهور الملكية الخاصة ويقول "تسرب في الدستور عنصر جديد هو الملكية الخاصة. أصبحت حقوق المواطنين وواجباتهم مقرونة بمساحة الملكية العقارية. كلما قوي نفوذ الطبقات المالكة, اضمحلت الهيئات المتولدة عن علاقات القرابة."[9]   

الفصل الثالث : نظرية الدولة

ينقلنا العروي في هذا الفصل الى المنهج الوصفي الوضعاني في بحث نظرية الدولة , ذلك المنهج الذي نشأ كردة فعل على المثالية التجريدة الهيغلية. يمكن وصف طريقة عمل هذه المنهجية كالتالي. البدء بالواقع المعاش بوصفه وصفا دقيقا ثم تبسيط هذا الواقع المعقد وتجريده وفي النهاية سحبه على الماضي. إذن هي عملية ذهنية يقوم بها الباحث  ليصل الى معنى الدولة أي الدور الذي تلعبه في المجتمع الانساني. ونقدم مثالا على استخدام المنهج من انجلز, حيث بدأ من واقع الدولة التي يعيش فيها من جيش وإدارة وجميع  مكونات الدولة وتم تخليصهم من تعقيداتهم. ومن ثم بناء نموذج ذهني مبسط خالي من التعقيدات ومجرد وتطبيقه على التنظيمات السياسية في الماضي. وبناء عليه يستنتج انجلز في نهاية العملية الذهنية ان الدولة تخدم جماعة مخصوصة من السكان. وبعبارة انجلز يقول "إن الدولة التمثيلية الحديثة هي آلية يستغل بها الرأسمالي العمال الأجراء."[10] أي أن دور الدولة وأدواتها يكمن في خدمة ملاك وسائل الانتاج دون سواهم من الطبقات.

وطرح العروي أداة منهجية تعتمد على المنهج الوضعاني وتسمى نموذج  الدولة الحديثة كأداة علمية للبحث في مفهوم الدولة. وخير من استعمل هذا النموذج عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر. قام فيبر باختيار دول تاريخية واختيار اهم العناصر او الصفات التي تميز نموذج عن اخر. بعبارة اخرى يعتمد هذا النهج على اختيار دولتين تاريخيتين وجعل أحدهما دولة ايجابية والاخرى سلبية. وبعبارة العروي "تتطلب الطريقة المذكورة مقابلة حالتين: الأولى إيجابية والثانية سلبية. إذا كنا نتوخى فرز ظاهرة اجتماعية لنركب نموذجها الذهني, فلا بد من انتقاء مثلا تاريخيا يتضمنها ومثلا آخر يجهلها. فنتوصل إلى إظهار آثار وجودها في الأول وآثار غيابها في الثاني."[11] و قد استعمل المؤرخون النموذج السابق للمقابلة بين الدولة النابلويونية كحالة إيجابية في مقابل الملكيات المطلقة في اوروبا كبروسيا والنمسا وإيطاليا. فمميزات الحالة الاولى تقوم على التوحيد, التجريد, النظام, الفعالية. وفي المقابل فإن الظواهر التي تسود النموذج السلبي هي التعدد، التجريبية، العادات. إن هذه السمات او الخصائص التي تميز النموذجين وتفصلهما عن بعضهما البعض هي مستقاه من دراسة للأجهزة التي تكون الدولة في النموذجين. وبالتحديد فإن المقابلة تمت عندما تم بحث أربعة جوانب أساسية ضمن الدولة وهي: الجيش, الإدارة, الاقتصاد, التعليم. فمثلا قام نابليون بتوحيد لغة الدراسة في كافة أرجاء الدولة وجعله تحت سلطة الدولة بدلا من سلطة الكنسية. وهذه الخاصية مفقودة في دول الملكيات المطلقة, حيث كان التعليم من مسؤوليات الكنائس وتحت سلطتها وتخضع المناهج الدراسية لوجهة نظرها الدينية. إن فيبر بعد أن قام بهذه العملية الذهنية يستنتج ان وراء تلك الخصائص الايجابية للدولة الحديثة المتجسدة في مثال الدولة النابوليونية مبدأ او سبب أدى إلى ظهورها. إن المبدأ الذي يتكلم عنه فيبر هو منطق العقلانية. إن العقلانية بحسب التعريف هي "عملية تطبيق العقل المجرد الرياضي على مظاهر الحياة بهدف توفير الجهد ورفع الانتاج المادي."[12] إن العقلانية بعبارة أخرى تقوم على تحكيم العقل في جميع مظاهر الحياة بدلا من العادات او الدين او الهوى. لكن لا يتفق الجميع مع فيبر بخصوص إرجاع مظاهر الدولة الحديثة الى منطق العقلانية. فهناك الماركسيين والاقتصاديين الذي يربطون ظهور الدولة الحديثة بممارسات الطبقة الوسطى الأوربية. حيث ساهم تغلل أبناء هذه الطبقة في البيروقراطية والجيش والقضاء والاقتصاد الى نقل وتبني الممارسات التجارية التي تعتمد التنظيم, المحاسبة, التوفير, الربح, التعميم. وهكذا انتشرت الممارسات العقلانية في مفاصل الدولة القديمة والتي استحالت الى دولة حديثة بسبب وجود تيار كبير يدعمها ويؤيدها ويجعل من الممارسات العقلانية هي الغالب والمسيطر.

إن العروي في نهاية هذا الفصل يقدم تعريفا للدولة يجمع بين المراحل الثلاثة ابتداء من هيغل ومرورا بماركس وانتهاء بفيبر. حيث تعرف الدولة بأنها "مجموعة أدوات تنظيمية وقمعية –جيش,شرطة, قضاء, إدارة- وميزة تلك الأدوات هي البيروقراطية,  استعمال العقل الحسابي لترتيب العمل الجماعي بهدف اقتصاد الوقت والجهد."[13] إن هذا التعريف جامع وخلاصة لما قدمه أولئك المفكرين حول ماهية الدولة.

الفصل الرابع: الدولة التقليدية في الوطن العربي.

يكرس المؤلف هذا الفصل للحديث عن واقع الدولة التاريخية الإسلامية ومفهومها. بداية يعترف العروي بصعوبة معرفة واقع تلك الدولة التاريخية لقلة المصادر المتوافرة. إلا ان هذا العائق لا يمنعه من المحاولة معتمدا في ذلك على ماكتبه ابن خلدون كونه صاحب منهج واقعي (مادي) وبعيد عن الطوباوية. إن الواقع الذي كانت تعيش في ظله الدولة الإسلامية بغض النظر عن الخلفية الثقافية للطبقة الحاكمة واقع قهر وظلم واستبداد. إن تلك الدولة حتى وإن اطلقت على نفسها أنها إسلامية ليست إلا مجرد دولة تخدم اهداف ذاتية كالتوسع و السيطرة على أراض أكبر ومراكمة الثروة. إن ذلك الواقع المرير ادى إلى نشوء أفكار مثالية حول ما يجب ان تكون عليه الدولة. ولعل أبرز هذه الطوباويات الاكثر شعبية والتي لازالت رائجة وشعبية في المخيال المسلم هي فكرة دولة الخلافة. تلك الدولة لم تتحقق إلا مرة واحدة في التاريخ الإسلامي وهو عصر النبي وعصر الثلاثة الخلفاء الراشدون أبي بكر وعمر وعثمان. أبرز مزية في تلك دولة الخلافة ان المحرك الأساسي للفرد هو الدين وهو الذي يضبط أفعاله بدون سلطان خارجي. إنها دولة العدل والسلام والإيثار بعكس الدولة التي عايشها المسلمون بعد عصر دولة الخلافة القصير. يختتم العروي الفصل بالحديث عن عبارة شهيرة جدا مستخدمة من قبل جماعات الاسلام السياسي وهي أن الاسلام دين ودولة. حيث يقول العروي في هذا الخصوص "إن العبارة –الإسلام دين ودولة- وصف للواقع القائم منذ قرون, أي لحكم سلطاني مطلق, يحافظ لأسباب سياسية محضة, على قواعد الشرع."[14] إن المعنى الحقيقي للعبارة هو أن الإسلام كعقيدة والدولة كتنظيم سياسي قد تساكنا ولم يندمجا في الدولة الإسلامية التاريخية. إن تلك العبارة هي في نهاية التحليل وصف لواقع الوضع الذي وصلت إليه السلطنة الإسلامية حيث يستخدم الخلفاء والأمراء تطبيق مظاهر الشرع للحصول على رضاء الفقهاء وفي نفس الوقت يكمن هدف الدولة في خدمة مصلحة العصبية الحاكمة و وزيادة ثرواتها.

الفصل الخامس : دولة التنظيمات

يتكلم هذا الفصل عن تجربة إصلاح الدول الحديثة الاسلامية كالسلطنة العثمانية والدولة المصرية والتونسية والمغربية وتأثير تلك الاصلاحات على الفرد. إن الاصلاحات التي تم القيام بها كانت تستهدف في الأساس تقوية السلطة وتقوية الحاكم ولم يكن المجتمع ومصلحته إلا هدفا تبعيا.  ولا غرابة في ذلك إذ أن تلك الدول قد ورثت خصيصة من خصائص السلطنة الإسلامية التي كانت حديث الفصل السابق حيث الانفصال التام بين الحاكم والمجتمع. فتم تحديث الجيش وتسليحه بسلاح عصري, وتغيير مناهج الدراسة, وتدوين القوانين كل ذلك تم في سبيل تقوية الدولة القائمة وتعميقها. إلا أن المهم في رأي العروي هو تأثير تلك الإصلاحات على وجدان الفرد ونظرته للدولة. أي بمعنى آخر هل تغيرت النظرة التي ترى في الدولة اداة للقهر والتسلط؟ يجيب العروي على هذا السؤال بالنفي التام. والسبب يكمن في رأيه في أنه حتى بعد القيام بتحديث الجهاز الإداري وتدوين القوانين وعقلنة السلطة, بقيت مسألة منطق القيام بالإصلاحات مشكلا. وذلك لأن الذي قام بتلك الإصلاحات هو أقلية غربية مستعمرة و متفرنجة ذات خلفية ثقافية واجتماعية مغايرة للمجتمع المحلي. تلك الأقلية كانت ترى في الدين العائق في التطور والتقدم والتخلص من ربقة التخلف. لذا استبعدته من مجال السلطة السياسية. إن هذه الوضيعة قد أدت إلى توحيد فصيلين محليين يختلفون في الأهداف التي يصبون إلى تحقيقها. فالوطنيون يريدون التخلص من المستعمر واستبداله بأفراد أهليين. وترى الحركة الدينية هدفها في إعادة الشريعة إلى مكانها السابق والمسيطر.

الفصل السادس: النظرية وواقع الدولة العربية القائمة.

يمكن اعتبار هذا الفصل خلاصة جميع الفصول السابقة حيث يصل العروي إلى نتيجة مفادها أن الدولة الحق هي التي تكون مرتبطة بالأخلاق والإجماع عند جميع المفكرين سواء كانوا مثاليين أو واقعيين. ينطلق العروي من هذه النقطة ليتحدث عن واقع الفرد العربي ونظرته للدولة. وذلك لأن الاخلاق والإجماع إذا فقدا في دولة فإنها منقرضة لا محالة. فيتوصل العروي إلى أن الفرد العربي ورث النظرة التي ترى ان هناك انفصالا بين الاخلاق والقيمة من جهة وبين واقع الدولة القائمة. إن الفرد ينتظر قدوم دولة الخلافة التي يتحقق فيها التزاوج بين الدولة والاخلاق, وهو بذلك ينزع الولاء عن السلطة القائمة ولا يبقى للإجماع حولها مكان. وبغياب الأيدولوجية الدولوية[15] وهي قبول الدولة والانصياع الطوعي لها, فإن الدولة تلجأ للعنف المنظم للاستمرار والبقاء وهو مايؤدي إلى سقوطها عاجلا أم آجلا. و حتى المذاهب الغربية عند انتقالها للفرد العربي قد انتقلت لها عدوى العداء الوجداني للسلطة القائمة وبالتالي انتظار قيام دولة تجسد المبدأ النقي سواء اكانت ليبرالية أو ماركسية او وجودية. إن هذه النظرة سواء أكانت مورثة أو نتيجة انتقال أفكار غربية قد حالت دون ابتكار نظرية للدولة كما وضع أسسها هيغل. إن الخصيصة لهذه النظرية حول الدولة توحد مجالي الأخلاق بالدولة. أي ربط الاخلاق والقيمة بجهاز الدولة المادي من بيروقراطية مدنية او عسكرية.

ومن هذه النقطة يتضح  سبب عدم ابتكار نظرية حول الدولة في الفكر العربي السياسي. حيث أقعدت الطوبى الفرد العربي عن محاولة الجمع بين الاخلاق والإجماع من جهة والجهاز المادي للدولة من جهة اخرى. 

الفصل السابع:  المفارقة الحالية.

يتحدث العروي في الفصل الاخير عن ما يسميه بالمفارقة العجيبة. حيث تتساكن قيم العقلنة المتجسدة في البيروقراطية مع حكومة السلطان التي تحمي مصالحه وتنميها. والنتيجة هي أن الدولة العربية المعاصرة تحمل كلا النمطين في وقت واحد أو تغلب أحدهما على الآخر في فترة زمنية محددة. إن هذه الوضعية المتأرجحة والثابتة هي نتاج لانعدام نظرية للدولة وللانفصال التاريخي بين القيمة من جهة وبين الجهاز المادي للدولة من جهة أخرى. بعبارة أخرى إن الطوبى لم تسمح للنظرية الدولوية بالظهور والنجاح. والسبيل للانفكاك من هذه الوضعية الحرجة هي بهجر الطوبى[16] والتفكير في الربط بين أخلاقيات الدولة وبين الجهاز البيروقراطي. عندئذ فقط  يمكن لنظرية الدولة الظهور من الرماد.






[2] هي استخدام العقل الحسابي المجرد فبي كافة مناحي الحياة
[3]صفحة 14. العروي, عبدالله . مفهوم الدولة. المركز الثقافي العربي.2011
[4] م.س.ص 17
[5] م.س.ص 34
[6] م.س.ص 50
[7] م.س.ص 50
[8] وراثة الذكر الأكبر الملكية العقارية وحده دون باقي الورثة  يقصد بالبكارية:
[9] م.س.ص 70
[10] م.س.ص 81
[11] م.س.ص 85
[12] م.س.ص 99
[13] م.س.ص 115
[14] م.س.ص 164
[15] يقصد بها العروي الرؤية التي تؤمن بأهمية الدولة الحديثة وحضورها
[16] يعني العروي بالطوبى ( تخيل نظام أفضل خارج الدولة وضدا عليها)م.س.ص.198





Sunday, November 27, 2016

لمحة سريعة حول الحركة النسوية



لمحة سريعة حول الحركة النسوية

آلاء أبوناجي, مراجعة مي عبد الوهاب

تمهيد:

ماذا تريد الحركة النسوية في وقت تمكنت فيه الكثير من النساء من الخروج إلى العمل، وتحقيق أعلى المناصب وفي مختلف المجالات؟
هذا السؤال المكرر يطرحه الكثير ممن تجاوز مرحلة العداء الإيجابية الأولى التي تفهم النسوية بأنها حركة معادية وكارهة للرجال، هدفها قلب الآية وجعل الرجال عبيدًا للنساء. فلحسن الحظ/ أو سوءه ، يقع معظم الرجال – وحتى النساء- في هذه الخانة الرمادية فهم ليسوا نسويين ولكنهم في نفس الوقت غير عنيفين في تصورهم للنسوية، معظم من في هذه الخانة لديهم نقص في الإحاطة بأهداف النسوية و عدم فهم مصطلحها بالأساس ، فالسؤال نفسه يطرح فرضيات خاطئة كثيرة سنفندها في هذا المقال، واحدة تلو الأخرى بالتعريف عن النسوية.

ما هي النسوية؟

 اختلفت التعريفات ولكن لم يختلف جوهرها، وهو أنها حركة تسعى للمساواة التامة بين الرجل والمرأة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وكل الأصعدة التي تدار فيها الحياة. من هذا التعريف ينبثق أول مغلوط في هذا السؤال وهو، افتراض أن غاية المرأة من كونها نسوية هو أن تخرج إلى العمل لتنافس الرجال وتحقق ذاتها. نعم، إن تحقيق الذات من خلال العمل هو من ضمن الأهداف الرئيسية للنسوية ولكنه ليس الغاية الأولى لها، ولا تحصل المساواة اتوماتيكيا فور حصولها على حق العمل، فهناك عوامل أخرى يتم بها اضطهاد المرأة خلال العمل نفسه، وهو ما يحصل حاليًا بتدني مستويات الأجر، والتمييز بشكل عام ضدها في بيئة العمل. فالنسوية ليست حركة تهدف إلى تغيير سطحي للأوضاع، بل تهدف إلى إزالة كافة المعوقات التي تعترض طريق المرأة وهي معوقات كثيرة، ما إن يتم انتزاع واحد منها حتى تظهر عوائق أكثر راكمها الزمن والتاريخ، والقوانين، والنظام الأبوي بصفة عامة.

ماذا يعني مصطلح الأبوية / البطريركية الذي يتم تكراره دائما في مواضيع النسوية؟
 الأبوية على صعيد كلي (ماكرو)، هي سلطة ذكورية تبنى عليها المجتمعات، وتحكم علاقات الأفراد ببعضهم وتتحكم عليهم باستخدام كل أنواع السلطة الممكنة التي يوفرها ذلك المجتمع من مؤسسات قانونية، دينيةـ عرفية ومدنية، وغيرها. وعلى صعيد أصغر (مايكرو) تتمثل الأبوية في سلطة الأب على ابنته، الأخ على أخته، الزوج على زوجته، أو أي ذكر على أنثى بسبب الامتياز الجنسي له كذكر. هناك عدة تيارات للحركة النسوية، وتدرك معظمها أن النظام الأبوي هو السبب الرئيسي في الوضع الأدنى للمرأة، ولكنها تختلف في طرق مواجهتها له، فمن هذه الحركات من تدعو إلى العمل بداخل هذا النظام لنيل الحقوق المسلوبة كالحركة النسوية الليبرالية ومنهن من تدعوا إلى هدم المؤسسة الأبوية بكاملها لبناء أخرى بديلة، كالراديكالية وغيرها.

أبرز المدارس النسوية:

النسوية الماركسية: تستقي أفكارها من كارل ماركس الذي ترتبط أفكاره باستغلال طبقة أصحاب رؤوس الأموال لطبقة العمال فكذلك ترى النسوية الماركسية استغلال المجتمعات للنساء، فيتم استغلال جهودهن خارج المنزل وداخله من غير مقابل. بل ترى أن أوضاعها أسوأ من أوضاع العمال فهؤلاء على الأقل لديهم نقابات عمالية يتقابلون فيها بعد العمل لمناقشة أوضاعهم، بينما تهرع النساء إلى بيوتها لاستكمال مشاغلها المنزلية، مما يجعل تعاونهن تحت مظلة واحدة من المستحيلات. تعمل النسوية الماركسية على إحداث تغيير مجتمعي كامل لا على تغير الفرد فقط ليصبح الاقتصاد المنزلي وتربية الأطفال مهمة يشترك فيها المجتمع بأكمله[1]، لا الأسرة النووية الصغيرة التي تضمن كون الأب العائل الاقتصادي الأول وبالتالي المسيطر اجتماعيا، وعند تحقيق المساواة الاقتصادية بتحرر المرأة من العبء الكامل لتربية الأطفال والأعمال المنزلية الغير مدفوعة، ستصبح المرأة مساوية للرجل وتكون العلاقة القائمة بينها علاقة حب خالصة لا علاقة انتفاع متبادل.

النسوية الليبرالية: تيار يركز على المرأة كفرد، وعلى إمكانية حصولها على حقوقها من خلال جهدها واختياراتها وتفاعلها مع المجتمع، عندما يؤمن لها القانون الحرية لذلك. تركز النسوية الليبرالية على دفع مؤسسات الدولة لضمان حقوق المرأة عن طريق السياسة والقانون، لا على تغيير البنية الاجتماعية ككل.

النسوية الراديكالية: ترجع سبب اضطهاد المرأة إلى الجنس، وحصر دورها المجتمعي له وللإنجاب. تعتقد النسوية الراديكالية أن سبب الاضطهاد ليس النظام الرأسمالي بل الأبوي الذي يمارس سيطرته على النساء كافة حول العالم ، بغض النظر عن طبقتهن. تفسر النسوية الراديكالية الثقافات الموجودة حاليا بأنها  ثقافة رجولية بحتة للرجال ، وثقافة نسائية مهيمن ومتحكم بها من قبل الرجال. تعمل النسوية الراديكالية على نسف هاتين الثقافتين لخلق ثقافة نسوية خالصة من قبل النساء حيث يتمكن من استعادة أجسادهن وكيانهن كاملا. تتماشى النسوية الراديكالية جنبًا إلى جنب مع الحركة النسوية للنساء السوداوات كما تتقاطع أهدافها مع حركة دعم المثليين، لأنها كما أسلفنا ترى أصل الاضطهاد هو في العلاقة الجنسية الغير متكافئة بين الرجل والمرأة، فتأتي العلاقة المثلية لتقدم مثالا جديدا مختلف عن علاقات السيطرة والطاعة التقليدية بين الرجل والمرأة.

تيارات واتجاهات:

توجد تيارات أخرى عديدة منبثقة من الثلاث مدارس السابقة وأخرى ثقافية وبيئية ذات تصور جديد للاضطهاد التاريخي للمرأة، منها:

النسوية البيئية: تعني ربط استغلال الطبيعة باستغلال النساء، وان المرأة (المشبهة بالطبيعة في معظم المعتقدات والخرافات الدينية) تتعرض لنفس أنماط الاستغلال التي تتعرض لها الموارد الطبيعية على يد النظام الرأسمالي ورجاله. فما يحصل من إهدار، وتلويث، واستغلالها لمنفعة الرجال والمصانع هو ما يحدث تماما للمرأة. تصاعد هذا التيار في الثمانينات على يد الهندية فاندانا شيفا[2] مع ازدياد الكوارث البيئية، وارتفعت شعبيته في بلدان العالم الثالث حيث الدمار البيئي في أقصاه، والذي أثر على حياة الكثير من النساء هناك الذين عانوا بشكل مباشر منه. وبالتالي، لا يمكن لغير ثقافة سلمية، معادية للرأسمالية ومحترمة للشعوب والطبيعة، أن تلغي الاستغلال والتمييز اللذين تتعرض لهما نساء الكون.

النسوية الاشتراكية: تيار نسوي بدأ في الظهور في سبعينات القرن الماضي خلال الموجة النسوية الثانية  التي سنذكرها ببعض من التفصيل فيما بعد. يعتقد أن اضطهاد النساء حاليا هو نتيجة تضافر النظام الأبوي والرأسمالي معًا. فهو بالتالي يربط البنية الاجتماعية بالبنية الاقتصادية. فيدمج جزء من الرؤية الماركسية مع القليل من الرؤية الراديكالية، لكنه لا يعترف بالنوع ( الجندر[3]) كسبب رئيسي للاضطهاد.

التمرحل التاريخي للحركات النسوية (الحراك السياسي):

لقد مرت النسوية بثلاث موجات رئيسية تنوعت فيها مطالب النسويات. فقد بدأت بالمطالبة بالحقوق الرئيسية كحق الانتخاب وحاليًا تعمل النسوية باستعادة كافة الحقوق الإنسانية للمرأة.

الموجة النسوية الأولى: بدأت في أواخر القرن التاسع عشر، وكان هدفها التخلص من معاناة المرأة في البيئة المدنية الصناعية الليبرالية. وقد استقت المطالبات بحق النساء بالاقتراع والحضانة والملكية من أطروحة ماري ويلنستون كرافت "دفاع عن حقوق المرأة: القيود السياسية والأخلاقية" التي كتبت منذ أكثر من قرن تحديدا في عام 1792. وقد ترافقت الدعوة لحقوق المرأة مع حركة تحرير العبيد.

الموجة النسوية الثانية: بدأت في الستينات من القرن العشرين واستمرت إلى نهايته. كانت هذه الموجة مختلفة عن مثيلتها الأولى لأنها خرجت من نطاق النساء البيض في الدول الصناعية الأولى وانتشرت حول العالم. كما أن الجنسانية وحقوق الإنجاب كانا على رأس مطالب هذه الموجة التي كانت أكثر راديكالية من الموجة الأولى. شهدت هذه الموجة ظهور شعارات مثل " كل ما هو شخصي هو سياسي" و" صراع المرأة هو صراع الطبقات" فقد أدركت النسويات أن الصراعات الشخصية المتمثلة بحقوق الزواج والإنجاب والجنس انعكاس لوضعهم السياسي والاقتصادي المتدني. وهذا ما أشادت به بيتي فريمان في كتابها " الغموض الأنثوي"حيث ربطت تحرر المرأة من أدوارها الخاصة سيؤدي إلى نقلهن للمجال العام. وانتقدت سيمون دي بوفوار في كتابها "الجنس الآخر" مقولة شهيرة رددت في القرن التاسع عشر وهي " أن النساء مساويات ولكن مختلفات عن الرجال" واعتبرتها مسببة لإعادة إنتاج سبل الاضطهاد للمرأة والأقليات، مثلما حدث مع قوانين الفصل العنصري للسود بناءً على الاعتقاد في اختلافهم جينيًا، ونفسيًا، وعقليًا.

الموجة النسوية الثالثة "ما بعد الحداثة": وهي الموجة السائدة في العصر الراهن حيث تبنت هذه الموجة تفكيك كل الرموز والقوالب وتدمير الأنساق المعهودة، وخلق إمكانيات مختلفة للوجود. فعملت على التميز الإيجابي بين الذكر والأنثى بالإصرار على وجود فروق بينهما بيولوجية، نفسية، الخ..[4] ، مع المطالبة بالندية والمساواة في الأهلية. و ما تريده الموجة النسوية الثالثة هو زعزعة الثنائية الضدية التي بنى عليها النظام الأبوي منهجه ( أعلى-أسفل، أسود-أبيض، موجب-سالب). مما يخلق المساحة للذكور والإناث على حد سواء لصنع الذات المبدعة الخارجة عن التصنيف الثنائي للأشياء. 

خاتمة:  
عودة إلى السؤال المطروح في بداية المقال، ماذا تريد النسوية في وقت خرجت فيه النساء إلى العمل ووصلن إلى مناصب مهمة؟  يبدو الجواب بعيدًا عن النجاح عند الإحاطة بأنواع الاضطهاد الموجودة. فكما نرى مما سبق، أن افتراض أن النساء قادرات على الوصول إلى أعلى المناصب لتوفر نماذج ناجحة، هو افتراض مبني على فرضية تكافؤ الفرص. وكما نعلم أن هذا التكافؤ معدوم في مجتمع يبني اختياراته على معايير معينة مثل الطبقة، الدين، واللون، والعرق، والجنس، والميل الجنسي. لذا تركز النسوية بشكل عام والنسوية التقاطعية[5] بشكل خاص، على هذه العوامل. فالنسوية التقاطعية تربط ازياد مستوى الاضطهاد بمقدار بعد الشخص عن كونه فاتح اللون، ذكر، من طبقة وسطى أو أعلى، ومغاير، ومنتمي لدين الأغلبية.  لذا يرى القارئ للنظرية النسوية أنها ليست حركة مرتبطة بتحرير النساء فقط، بل إلى تحرير كل المنتمين إلى أقليات مهمشة ومضطهدة.
كما أن اعتقاد أن النساء قد اقتحمن جميع المجالات غير صحيح أيضًا ، فهناك مهن مازالت محرمة وغير مرغوبة للمرأة في دول العالم الثالث وأغلبها مهن قيادية في القضاء، والوزارات، ورئاسة الدول. تلعب التقاليد والأديان المحلية دورًا مهمًا في تحجيم دخول المرأة في المجالات القيادية في مثل هذه البلدان وتقل فرصها في اقتحامها في بلدان العالم الأول بسبب القوانين والبنية الاجتماعية التي تحاول تهميش النساء ليصل الرجل وحده إلى القمة.  
إن النسوية ليست حركة ناقمة منتقمة، ولا حركة تضم نساء متباكيات على اضطهادهن، ولا نظرية تجتر تاريخًا قديمًا محاولة إيجاد تفاصيل صغيرة لتغرق في محاولة تأريخية أكاديمية لا تفيد أحدًا. بل هي نظرية نشطة في الحياة اليومية تهدف لإزالة كل أشكال الاضطهاد فعلا لجميع الفئات التي همشها النظام الأبوي الأحادي، التي طالت سلطته، وقصُرت منفعته، وعُدمت إنسانيته.


المراجع:





[1] حيث تتحرر النساء من الأعباء المنزلية تماما، حيث تهتم الدولة بتخصيص دور رعاية أطفال يومية، ومطاعم، ومغاسل بأسعار رخيصة.

[2]  اكاديمية هندية وناشطة في مجال البيئة ومناهضة ضد العولمة.
[3] يطلق مصطلح النوع الاجتماعي ” الجندر ” على العلاقات والادوار الاجتماعية والقيم التي يحددها المجتمع لكل من الجنسين ( الرجال والنساء )، وتتغير هذه الادوار والعلاقات والقيم وفقا” لتغير المكان والزمان وذلك لتداخلها وتشابكها مع العلاقات الاجتماعية الاخرى مثل الدين، الطبقة الاجتماعية ، العرق،… الخ . وبالرغم من ان هذه العلاقات متغيرة في مؤسسات المجتمع المختلفة الا ان جميع هذه المؤسسات تقاوم التغيير .
[4] فتصر الموجة الثالثة على تفرد الطبيعة النسائية عن الطبيعة الرجالي، فلا يجب التقليل مثلا من الطبيعة الجميلة ومساواتها بالرجل، فكل ينفرد بصفاته. وقد تعرضت هذه الموجة للانتقاد من قبل الكثيرات مثل جيرمين جرير التي قالت أن هذه الموجة الثالثة ترفض جميع الأهداف التي عملت على تحقيقها الموجة الثانية ، والغاء صريح لمنجزات النسوية كما أن هذه الموجة لا تنخرط في عمل سياسي حقيقي.
[5] مفهوم مستخدم في حقول الدراسات الاجتماعية جميعها يؤكد أن هناك مستويات مختلفة من القهر مبنية علة الجنس، النوع، العرق، وكل ما يكون الفرد. استخدمت النسوية هذا المفهوم كثيرًا للتأكيد أنها حركة عامة تستوعب جميع أنواع الاضطهاد لإزالة فسميت بالنسوية التقاطعية.

Saturday, October 29, 2016

مقدمات تمهيدية في النظرية الماركسية




مي عبد الوهاب, مراجعة ماجد العلوان

النظرية الماركسية
(مقدمات تمهيدية)
نبذة عن المقالة:

تهدف هذه المحاولة الى التعريف التمهيدي بالأفكار الرئيسية والخطوط العريضة للنظرية الماركسية، التي أصبحت أكثر من أي وقت مضى ذات صلة وثيقة بعالمنا الحالي المليء بالكوارث الاقتصادية والسياسية في مختلف بقاع الكرة الأرضية. وتتطرق المقالة الى المحاور التالية:
1-      استهلال سريع لتقديم فكرة ضمنية حول فلسفة الفعل (البراكسيس)[1]
2-      نبذة تاريخية مختصرة عن مؤسسي النظرية الماركسية.
3-      فهم الماركسية كنظرية تاريخية.
4-      فهم الماركسية كنظرية اجتماعية.
5-      فهم الماركسية كنظرية اقتصادية.
6-      محاولة فهم الخط الفاصل بين تبني النظرية الماركسية كأيديولوجيا أو منهج علمي موضوعي في العمل السياسي (اسقاط على مثقف العالم الثالث[2]) من وجهة نظر المفكر العربي عبد الله العروي على ضوء كتابه " العرب والفكر التاريخي"
7-      وأخيراُ يجد القارئ في اخر صفحة من المقال ثبت مصطلحات يشرح بعض المفاهيم التي يحبذ ان يبدأ بها إذا كانت تبدو جديدة او غير مألوفة له. بالإضافة الى الحواشي التي أسفل كل صفحة التي تعود لمرجع معين او اسهاب لغرض التوضيح فقط.
 استهلال حول فلسفة الفعل:

"ان النزعة المادية التي ترى أن الانسان وليد الظروف والتربية، وبالتالي أن الانسان يتغير بتغيير الأوضاع وتجديد التربية، تنسى أن الانسان هو الذي يغير الأوضاع وأن المربي نفسه محتاج الى تربية. فتميل هذه النزعة(المادية) الى تقسيم المجتمع الى قسمين، وجعل أحدهما فوق المجتمع كما هو الحال عند أون[3]. ان العقل لا يمكن أن يوافق بين تغير الظروف وفعالية الانسان عبر الممارسة الثورية." [4]
 يتضمن هذا النص الذي كتبه ماركس صراحة على قدرة وأهمية الفعل والممارسة الثورية للإنسان، الذي يستطيع هو وحده تغيير الظروف. وفي ذات الوقت ينتقد ماركس التيار المادي الذي يحبس الانسان داخل دائرة الظروف والوعي القائم (المهيمن). وهنا يكمن جوهر الماركسية كتيار فكري يحاول الجمع بين النظرية والممارسة معاَ. بكلمات أخرى، يحاول  هذا الفكر دوما استيعاب الذاتي والموضوعي في آن, ويحاول كذلك إخراج الأفكار إلى العالم المادي الملموس, لأن تلك الأفكار هي وليدة العقل الذي هو المادة.
 ويصف عبد الله العروي[5] الماركسية بأنها تمثل عموما منظومة فكرية تستجيب استجابة كاملة للشروط التاريخية، تبرر خصائص كل أمة، وترسم للجميع صورة مستقبل ليس وقفاً على أحد.

مؤسسي النظرية الماركسية:

تعود النظرية الماركسية الى الفيلسوف الألماني كارل ماركس. الذي ولد عام 1818 م في مدينة ترير غرب المانيا. تلقى ماركس تعليمه الأكاديمي بين مدينتي برلين وبون. ونال شهادة الدكتوراه في الفلسفة، وكانت أطروحته حول الفلسفة اليونانية. لعبت أفكاره الثورية دورا هاما في تأسيس علم الاجتماع والحركات الاشتراكية. يعد ماركس متعدد الاهتمامات والنشاطات. فمنذ صغره انخرط في الحراك السياسي. حيث انضم في بداية مشواره الى مجموعة الهيجيلين الشباب التي انفصل عنها فيما بعد. كما كان يكتب المقالات للعديد من الصحف الراديكالية* إلى ان التقى رفيق دربه فريديرك إنجلز ابن العائلة الصناعية الألمانية الثرية في باريس عام 1844م. جدير بالذكر، أن النظرية الماركسية قد تبلورت على يد إنجلز, فلا تقل إسهاماته قيمة عما أنتجه ماركس., وذلك لكونه عملا وهماً مشتركاَ بينهم. وبدأ مشوارهم النضالي أولا في نقد مفهوم الأمة عند هيجل ونقد وتحليل الأيديولوجيا الألمانية وصولا الى نقد النمط الرأسمالي للإنتاج الذي يعد من أشهر وأبرز أعمال ماركس. وعلى إثر ذلك,  يعتبر ماركس من اهم المفكرين الاقتصاديين في التاريخ. ويجب التنويه أن ماركس لم يكن اقتصاديا فحسب, بل كان فيلسوفا وعالم اجتماع ومؤرخا وناشطا ثوريا أيضا. حاول بجميع تلك الادوات نقد نمط الإنتاج الرأسمالي من خلال النظر الى تكوين العلاقات الاجتماعية داخل هذه المنظومة. و أهم مكونات ماركس(أو النظرية الماركسية) الفكرية التي أثرت في مراحل أعماله هي ثلاث مكونات رئيسية أولها، الفلسفة الألمانية المتمثلة في هيجل ونظرته للتاريخ عن طريق منهجه الجدلي الذي طوره ماركس فيما بعد. بالإضافة الى فلسفة فيورباخ التي نقدها في كتابه المهم " أطروحات حول فيورباخ" وكتب فيها ماركس مقولته الشهيرة " كل ما فعله الفلاسفة هو تفسير العالم بطرق مختلفة-لكن المهم هو تغييره". وتعتبر الاشتراكية الفرنسية الطوباوية هي المكون الثاني لفكر ماركس, وذلك حين انتقل للعيش في باريس في الفترة 1843-1845م.أما المكون الثالث الذي لعب دورا مهما في فكر ماركس الاقتصادي بالتحديد والذي بسببه  أقدم على كتابة كتاب "رأس المال" هو فكر فلاسفة الليبرالية في الاقتصاد السياسي كآدم سميث و جون ميل ستيوارت و ريكاردوا ومالثوس . توفي ماركس بلا جنسية في لندن بعد وفاة زوجته بسنتين عام 1883 م بعد ما أصيب بالتهاب في القناة التنفسية وقال فريديرك أنجلز كلمته في صديقه " في الخامس عشر من مارس، في الثالثة الا ربع بعد الظهر، المفكر العظيم توقف عن التفكير، وقد كنا قد تركناه بالكاد دقيقتين لوحده، ولما عدنا وجدناه على كرسيه، وقد غط في نومه بسلام-ولكن للأبد"

الماركسية كنظرية تاريخية:

المادية التاريخية (Historical Materialism)

هي منهجية تقوم بدراسة المجتمعات البشرية وأنماط تطورها على مدى تمرحل التاريخ, وترتكز على المحددات والشروط المادية للتاريخ, أي علاقات الإنتاج التي تقوم بإنتاجها العلاقات الاجتماعية والتي بدورها تلعب دور مهم في تنوع الأنماط الاجتماعية بينهم, والتفاوت الطبقي الذي يوزع بدوره السلطة الاجتماعية بين فئات المجتمع الواحد.
وبعبارة أخرى، تبحث النظرية المادية للتاريخ عن عوامل وأسباب التحولات في المجتمع البشري, وعن الوسائل التي تجمع بينهم لإنتاج ضروريات الحياة. ويتضح ذلك في تعليق ماركس " لا يتكون المجتمع من الأفراد، ولكنهم يتمثلون ضمن مجموع العلاقات التبادلية، وتلك العلاقات هي التي تحدد موقع الأفراد ضمنها"
وهناك مفهوم لدى بعض المفكرين، يرى بأن المتغيرات الاقتصادية هي التي تشكل القاعدة المادية للتاريخ والمجتمع. لكن يجب التنويه بأن النظرية التاريخية الماركسية ترى بالفعل أن القاعدة الاقتصادية هي الهيكل الاساسي للمجتمع. ولكنها لا تقول بأنه يجب تحديد كل شيء في التاريخ من خلال الاقتصاد كما يعتقد البعض. وكما انه مثلا لا يمكن النظر الى ما يميز أي منزل من خلال النظر الى اساساته فقط، هكذا ذاك.
وبالنسبة للمادية التاريخية، فإنها ترى فكرة تطور المجتمع البشري خلال سلسة من المراحل التاريخية التالية[6]:
·         الشيوعية البدائية: لم يكن هناك ممتلكات خاصة، أو طبقات، أو نخب متميزة، أو شرطة، أو جهاز قسري خاص (الدولة). بل كانت الأشكال الاقتصادية في هذه الفترة بسيطة جداً. وكان البشر يتجولون بحثاً عن الطعام. ويطلق علماء الآثار على هذه الفترة مسمى العصر الحجري القديم. وبما أنه لم تكن الملكية الخاصة موجودة، فكان كل ما يصنع او يجمع او ينتج قد اعتبر ملكية مشتركة عامة أي مشاعة بين الجميع.
·         المجتمع العبودي: يعتبره الكثيرون أول ظهور لفكرة المجتمع الطبقي. وذلك حين بدأ ظهور مفهوم الملكية الخاصة التي كانت غائبة في فترة الشيوعية البدائية. ومع نشوء المجتمع الطبقي، تم إنشاء مؤسسات خاصة لحماية مصالح الطبقة الحاكمة، وبذلك، فقد أصبح هناك حاجة لهيئات مسلحة خاصة لكي تحمي الملكية الخاصة. وتم سن قوانين جديدة لحماية مالكي العبيد. وأيضا خلال هذه المرحلة بدأ تبلور نشأة الدولة وملحقاتها. وفي القرن السابع قبل الميلاد، أصبحت الأرستقراطية القبلية في اليونان طبقة حاكمة من ملاكي الأراضي والعبيد الذي تم توظيفهم لجلب الخيرات لمالكيهم، والعمل في تلك الأراضي طوال الليل والنهار. ثم بعد ذلك يتم إعطاءهم ما تبقى من استهلاك ملاكهم حتى يضمن استمرار بقائهم لخدمة تلك الطبقة الحاكمة او الأرستقراطية.
·         المجتمع الإقطاعي: هو مجتمع ظهرت فيه طبقات جديدة وهي النبلاء الإقطاعيين ملاك الاراضي والملك، والأرستقراطية، ورجال الكنيسة الكبار، والأساقفة. وتحتهم وجدت البارونات والدوقات والفرسان المتمتعين بالامتيازات. وفي الدرجات السفلى من النظام الاجتماعي وجد الأحرار، والاقنان، والعبيد. ومع نضج العلاقات الإقطاعية، أصبحت غالبية الأراضي الزراعية في أوروبا مقسمة الى مناطق تعرف بالضيع الإقطاعية حيث لكل ضيعة إقطاعية لوردها ومسؤولها الخاصون بها، والذين تمثلت مهمتهم بإدارة العقارات.
·         المجتمع الرأسمالي: تعد الرأسمالية المرحلة الرابعة في السلسة التاريخية، حيث تظهر بعد الثورة البرجوازية حين يسقط النظام الاقطاعي. وما يميز المجتمعات الرأسمالية كما هو معروف حالياً السوق الحر, و الملكيات الخاصة, و الديموقراطية البرجوازية,  وأخيرا الإمبريالية*, والتوجهات الاحتكارية ليست في السوق فقط وانما في السلطات الاجتماعية. مهدت الثورات البرجوازية الكبرى الطريق للرأسمالية. وضمنت التغيرات الزراعية نمو الزراعة الرأسمالية. حيث قسمت المقاطعات الاقطاعية القديمة ووزعت على الفلاحيين. ومن خلال السطو والتقييد والنهب والمنافسة, أصبحت وسائل الإنتاج متمركزة في أيد أقل وأقل. حيث ينتج العامل قيمة أكثر مما يتلقاه كأجر، و يصادر الرأسمالي فائض القيمة التي ينتجها، وفي بحثها عن الربح، وسط منافسة، تضطر طبقة نمط الإنتاج الرأسمالي إدخال أساليب جديدة في الإنتاج, وبهذه الطريقة لعبت الرأسمالية دوراُ تقدمياُ في تثوريها المستمر لقوى الإنتاج.
·         المجتمع الاشتراكي: وترى التاريخية المادية أن بعد تحلى الطبقة العاملة ( البروليتاريا ) بالوعي الضروري لكي تثور ضد نمط الإنتاج الرأسمالي, تحدث الثورة على الطبقة المسيطرة البرجوازية وتحل مكانها الطبقة العاملة في السيطرة على وسائل الإنتاج والسلطة وبذلك تتغلب الاشتراكية على الرأسمالية, وتحل المرحلة الخامسة للتاريخ كما رأتها تلك النظرية المادية للتاريخ. ومن أبرز الخصائص التي تميز النظام الاشتراكي, الملكية العامة لتخطط في صالح الأغلبية وتكون المركزية البيروقراطية العمالية التي اسماها ماركس نفسه" ديكتاتورية البروليتاريا" التي هي ضرورة تاريخية للتحول الأخير والحقيقي للمجتمع الشيوعي.
·         المجتمع الشيوعي اللا طبقي (لم يوجد بعد): وبعد مرور الزمن على التحول الاشتراكي والتغيرات التاريخية والتخلص من الملكية الخاصة واستغلال الطبقات لبعضها البعض، ستكون الطبقات والحاجة للدولة قد انتهت واضمحلت. كما تتخيل تلك الرؤية الماركسية للتاريخ وسيكون عصر ما قبل التاريخ انتهى سيصبح أخيراُ بإمكان القوى المنتجة التي تراكمت عبر آلاف السنين من المجتمع الطبقي، وضع الأسس لمجتمع لا طبقي حيث تصبح الدولة وتقسيم العمل غير ضروريين.

المنطق الجدلي للتاريخ(Dialectics):

يقول أنجلز على المنهج الجدلي او الجدلية " ليست الجدلية الا علم القوانين العامة للحركة ولتطور الطبيعة والمجتمع البشري والتفكير" وتعود نشأة المنهج الجدلي الفكري إلى الفلاسفة الاغريق أمثال أرسطو وأفلاطون, أي قبل أن يقوم بتطوريها كل من ماركس وإنجلز علمياً كوسيلة لتحليل تطور المجتمع البشري. يقول هيراقليطس في مضمون المفهوم الأساسي للمنطق الجدلي للتاريخ ( الديالكتيك) " كل شيء موجود وغير موجود, فكل شيء في حالة سيلان, في تغير مستمر". أي أن كل شيء في الطبيعة في حالة تغير مستمر, وأن هذا التغير يتجلى من خلال سلسلة من التناقضات. فبالنسبة للفلسفة الجدلية، ليس هناك من أمر نهائي مطلق مقدس، فهي ترى كل شيء وفي كل شيء خاتم الهلاك المحتوم, وليس ثمة شيء قادر على الصمود في وجهها غير الحركة التي لا تنقطع, حركة التصاعد أبدا دون توقف من الأدنى الى الأعلى. وهذه الفلسفة نفسها ليست الا مجرد انعكاس هذه الحركة في الدماغ المفكر.[7]
على الرغم من كل التصورات الخاطئة عن المنطق الجدلي أو الديالكتيك الموجودة في الساحة الفكرية، سيكون مجدياُ أن نذكر ما ليس جدليا او ما هو بعيدا عن المنطق الجدلي أي الذي لا يقع تحت التحليل حين يكون هو المنهجية المتبعة. الديالكتيك لا يقدم مادة جاهزة وتفسيرات لكل الأغراض، كما أنه لا يوفر معادلة او صيغة تمكننا من توقع اللا متوقع، ولا يعد أيضا هو القوة المحركة للتاريخ كما يعتقد البعض عنه. بل الديالكتيك هو طريقة تفكير تقوم بالتركيز على مجموع التغيرات والتفاعلات التي تحدث في العالم. وجزء من ذلك فإنه يشمل كيفية تنظيم الرؤية للواقع المعطى. أي المعني بالدراسة والتحليل وأيضا كيفية تقديم النتائج التي تمت دراستها.[8]
إن المادية الجدلية التي طورتها النظرية الماركسية هي تطوير لفلسفة فيورباخ المادية. وذلك عن طريق دمجها مع هيكل الجدل الهيجلي وبعد تجريده من مثالتيه. أي نفي لفرضية هيجل حول اسبقية الوعي على المادة. فبالنسبة للنظرية الماركسية لا وعي بدون مادة.
للمادية الجدلية أو الديالكيتك بالرؤية الماركسية صفتان رئيسيتان أولهما, رؤيتها للطبيعة وظواهرها كنسق مترابط, فيستحيل فهم ظاهرة بشكل منفصل عن الظواهر والظروف المحيطة بها. ثاني الصفتين, هي أن الحركة وعملية التطور والنمو المستمر أصل في الأشياء. يقدم المنهج الجدلي المادي التفسير لكيفية حدوث هذا التطور عن طريق ثلاثة قوانين مرتبطة بعضها ببعض[9]:
1.      التحول الكمي الى النوعي: يعتبر أول قوانين الديالكتيك الماركسي التحول الكمي الى النوعي والعكس وهو الأساسي للتطور. النوع هو مجموع خواص الأشياء, والتغير النوعي يكون تغيرا في حال الشيء وخواصه, اما الكم فهو العدد. يفضي هذا القانون ألى ان كل شيء في تغير كمي متواصل, حتى يتراكم الكم الى حد معين فيصبح التغير النوعي حتمياُ.
2.      صراع الأضداد (التناقضات): تبعاً للجدلية لا يمكن فصل الشيء عن نقيضه. فهما يشكلان وحدة مترابطة، فجوهر حياة الإنسان وسر بقائه هو موت وتجدد خلاياه. وصراع الأضداد هو السبب في حدوث التغيرات الكمية التي تصل لحد معين لتحدث القفزة نحو التغير النوعي. ومثال على ذلك عندما ترتفع درجة حرارة الماء فإن قوتي جذب وتنافر دقائقه تتصارعان حتى تغلب الثانية الأولى, فتفقد دقائق الماء قدرتها على التماسك، وعندها يحدث التغير النوعي للماء من السيولة الى الغازية. بناء على ما سبق فإن للتحول من الكمي الى النوعي شرطان, توافر الظروف الخارجية( درجة الحرارة في مثال الكأس) والظروف الداخلية, أي صراع الأضداد,( التناقض بين جزيئات الماء داخليا).
3.      قانون نفي النفي: يعتبر القانون الثالث من قوانين الديالكتيك هو المحدد لمعرفة مسار التطور السابق ذكره. عندنا تتراكم التغيرات الكمية لتحدث تغيراُ نوعياُ، فإن هذا التغير ينفي الحالة السابقة له مع الاستبقاء ببعض خواصها الجيدة, ومن ثم تعدو التغيرات الكمية الى عادتها في التراكم حتى تحدث القفزة النوعية فتنفي النفي السابق, فيكون النفي هنا مضاعفا. إن مسار التطور في المفهوم الجدلي هو ارتقاء لمستوى أكثر تعقيداُ من سابقه. وكما يقول السابق ذكره هيراقليطس " إنك لا تسبح في النهر مرتين"

الماركسية كنظرية اجتماعية

الصراع الاجتماعي (Social Conflict or Class Struggle):

هي نظرية جوهرها في التحليل الاجتماعي يدور حول الطبقات الاجتماعية بأفرادها وجماعاتها وصراعتهم داخل المجتمع المعطى. فتكون لديهم كميات مختلفة من الموارد تتفاوت بين الجماعات وتكون الفئة الأكثر نفوذا هي الأكثر احتكاراً لتلك الموارد من خلال استغلال الجماعات أو الطبقات الأخرى في المجتمع. يحدث هذا الاستغلال والهيمنة من خلال مصادر القوة المتمثلة في أجهزة الدولة مثال على ذلك، جهاز الشرطة والجيش بالإضافة الى قوى الإنتاج، وتعد مؤسسات المجتمع المختلفة مثل النظام القانوني والسياسي أدوات لهيمنة الطبقة الحاكمة كما انها تعمل على تعزيز مصالحها. وترى هذه النظرية بان المجتمع يخلق من رحم الصراع الطبقي بين الفئات المختلفة داخله.

نظرية الاغتراب (Theory of Alienation)

بالنسبة لماركس، فإن التاريخ البشري يحمل جانبا مزدوجاً: كان تاريخاً تزداد فيه سيطرة الانسان على الموارد الطبيعية بشكل غير مسبوق. ولكن في ذات الوقت كان تاريخاً يزيد من اغتراب الانسان لإنسانيته، أي تفصله عن نفسه وعلاقاته الاجتماعية الحقيقية فيذوب الإنسان مع تلك الموارد التي جعلت من تقسيم العمل أداة للمزيد من العزلة وتشيئ الانسان لأخيه الانسان الآخر. فينفصل العامل مثلا عما يقوم بإنتاجه، يوميا حيث لا يستطيع اقتناءه او استهلاكه مباشرة، بل يذهب كل ما أنتجه إلى سوق يتم فيه تبادل البضائع. ولا يبقى له ما يميزه عن غيره من العمال الذين هم أيضا قد تم فصلهم عما أنتجوا. فلا يبقى مبدأ المشاركة إلا من خلال تلك العلاقات المادية التي يحكمها السوق. فيصبح جهدهم ذاته سلعة تؤخذ منهم وتباع مثله مثل الأشياء التي ينتجونها. إذ حتى العلاقات العاطفية أصبحت تعاني هي الأخرى من حالة اغتراب حقيقية. فالحب بات سلعة يسوق لها لمزيد من الاغتراب والانفصال عن جوهره الأصلي فتكثر العلاقات الهشة العابرة بين الناس التي تعاملهم كمجرد كائنات لديها غرائز يجب اشباعها فحسب. ونتيجة لكل ذلك لا يصبح الحب او العمل عملية مشبعة للذات ولكن يتحول الى شر لابد منه.
فالاغتراب هو شعور مربك بالإقصاء والانفصال أي الاغتراب عن الوجود البشري، لأن الطبيعة الأساسية للبشرية كما يراها ماركس تكمن في القدرة على تشكيل وإعادة تشكيل العالم من حولنا وقفا لاحتياجاتنا وقدراتنا الإبداعية دون الحاجة للاستغلال. ولكننا محرمون من ذلك بسبب الطبيعة اللا إنسانية للرأسمالية. وأشار ماركس أيضا ان هذا النوع من الاغتراب موجود أيضا في الطبقة الحاكمة أو التي تملك وسائل الإنتاج ولكن بطريقة مختلفة عما يشعر به العامل ويعود الاختلاف للموقع الاجتماعي لكل منهم وأسلوب ونمط عيش كلا منهما.
إذن فالاغتراب ليس مجرد مفهوم للأكاديميين ليتدارسوه أو يناقشوه, بل يمكن ملاحظته في كل جوانب الحياة اليومية, كشخص يعمل لساعات طويلة في وظيفة مخدرة للعقل متشوق ليوم إجازته وفرصة الهروب من المشقة والملل في بيئة العمل التي تغيب عنها المهارة. ويؤمن ماركس بأنه لا يمكن التغلب على الاغتراب إلا من خلال استعادة الجوانب البشرية للعمل والعلاقات الاجتماعية وذلك عن طريق اللا اغتراب. حيث يرى ماركس حالة الاغتراب بانها حالة طارئة، أي خاطئة نتيجة نمط الإنتاج الرأسمالي. فلا تزال الفرصة أمام البشر ليدركوا إمكانياتهم الكاملة ويتحرروا من وسائل الاستعباد المتمثلة في الدولة، ووسائل الإنتاج والمجتمع الطبقي.

الماركسية كنظرية اقتصادية:

تمثل النظرية الاقتصادية محور الماركسية والمرحلة الأخيرة من تطور فكر ماركس نفسه أي انتقاله كما يصفه اغلب المفكرين الى العمل الموضوعي العلمي المتكامل وتحديدا في نقد الاقتصاد السياسي المتمثل في الاقتصادات المتقدمة وخصوصا إنجلترا وفرنسا آنذاك وبعد ثلاثين عاما من القراءة والتحقيق داخل مكتبة المتحف البريطاني الذي اتخذها ماركس مقراً للتقصي في جذور نمط الإنتاج الرأسمالي أخيرا قرر ماركس ولأول مرة في حياته نشر مشروعه المشهور كتاب "رأس المال" ويعد هذا الكتاب الذي يتكون من ثلاث اجزاء من اهم الكتب الحالية لفهم المنظومة الرأسمالية.

 نظرية القيمة (Theory of Value)

على عكس ما يتوقعه الكثيرون لا يبدأ ماركس تحقيقه في كتاب "رأس المال" بمفهوم الصراع الطبقي مثلا ولا يرفض مسلمات أصحاب الاقتصاد الكلاسيكي آدم سميث وريكاردو بل, ينطلق من منطقهم ويبدأ بمفهوم البضاعة التي تعتبر المرتكز الأول في نمط الإنتاج الرأسمالي. البضاعة التي لا يمكن أن تكون بضاعة إلا إذا كان لها قيمة وقيمة استعمالية، ولكن أن تكون قابلة للاستعمال ليس كافياً لنقول بأنها بضاعة, يجب أن تكون لها خصائص تبادلية في السوق. فمثلا رجل يحرث أرض بيته ويأكل منها, فهو بذلك صنع قيمة وجعل من تلك القيمة أي قيمة  عمله قيمة استعمالية, وهي أنه تغذى على ثمار ما حرث .ولكن لا نستطيع القول بأن ما قام بإنتاجه بضاعة حتى يقوم بتبادلها في السوق عن طريق بيعها او تبادلها بشي آخر. ويعد فهم القيمة أمر ضروري لتحليل وفهم الاقتصاد الرأسمالي.

نظرية قيمة العمل والاستغلال (Labour theory of Value and Exploitation)

تعتبر قوة العمل المحرك الأهم في فعالية نمط الإنتاج الرأسمالي. فقوة العمل هي القدرة والوقت اللتين يقدمهما أو يبيعهما العامل لرب العمل لإنتاج قيمة ما. فصاحب قوى الإنتاج (أي العمل) لا ينظر لقدرات وطاقات العامل إلا كمجرد بضاعة أخرى في السوق يقوم بشرائها لإنتاج قيم وبضائع أخرى يقوم بتبادلها في السوق عن طريق الاستهلاك. وفي الواقع لا يبيع العامل عمله، بل يبع قدرته ووقته للعمل، وهو الشي الوحيد الذي يملكه لإبقائه على قيد الحياة في ظل هذه المنظومة. عندئذ يمكن القول أن قوة العمل هي بضاعة تخضع قيمتها لقيمة السوق مثلها مثل البضائع الأخرى، و تتحدد بمقدار وقت العمل الضروري اللازم لإنتاجها (Socially necessary labour time) . وعلى خلاف معظم البضائع الأخرى، لا يدفع أرباب العمل قوة العمل ثمنها إلا بعد أن يستهلكوها عن طريق أجور شهرية أو أسبوعية.
وتتم عملية استغلال العمال عن طريق قوة العمل التي هي البضاعة الوحيدة التي يمكنها صنع فائض قيمة للرأسمالي. كيف يحدث ذلك؟ فلو فرضنا وجود عامل في مصنع للقطن بثمان ساعات عمل في اليوم وأجر دولار لكل ساعة من الساعات الثمان) وأنه ينتج خلال أربع ساعات بضاعة تبلغ قيمتها عشرين دولاراً تتكون من مواد خام بكلفة 11 دولار، وتبلغ كلفة التلف دولار واحد. فالقيمة الجديدة 8 دولارا التي هي أجر العامل لمدة ثمان ساعات هي قيمة ما ينتجه خلال أربع ساعات فقط. وهذا يعني أنه في الأربع ساعات المتبقية، سينتج نفس القيمة ولكن الرأسمالي لا يعطيها للعامل بل يأخذها ربح له وهذا ما له ارتباط وثيق بمفهوم بفائض القيمة. ووفقا لماركس، فإن فائض القيمة يمكن تعريفه بأنه عمل الطبقة العاملة غير مدفوع الأجر، أي انه العمل الذي يستخرجه الرأسمالي من العامل دون مقابل.

النظرية الماركسية بين الأيديولوجيا والمنهج العلمي الموضوعي (مثقف العالم الثالث نموذجاُ):

من الأيديولوجيا الى العلم

يرى الكثير من المفكرين كم ذكرنا سابقا أن مؤلفات ماركس الاقتصادية الأخيرة (رأس المال) هي لب المنهج العلمي الحقيقي للنظرية الماركسية. أي الانتقال من الكتابات السياسية والفلسفية الأولى ذات الصبغة الأيديولوجية التي كانت معنية بسؤال مستقبل ألمانيا موطنه التي كانت تعاني من تأخر سياسي وتاريخي بالمقارنة بفرنسا وانجلترا مثلا. فالهم السياسي أي سؤاله الأول هو الذي كون مواقفه السياسية الى فترة وصوله للموضوعية في البحث العلمي أو كما اسماها العروي الانتقال من ماركس الشاب الى ماركس الكهل.  فالماركسية الغربية (العابرة بالليبرالية) كما هي الآن تعتمد على النتائج الختامية في أعمال ماركس-النتائج هي آلية النظام الرأسمالي، فتبلورت لديهم قوانين تسير الإنتاج وعلاقات قطاعات الإنتاج، فهي تمثل حركة شكلنة التحليل الماركسي فتلتقي مع الاهتمامات في الغرب، مثل إرادة تعميم نظرية الاقتصاد بالبحث، انطلاقاً من منطق النظام الرأسمالي وبنيته وحركته، في بنية كل عملية تنظيم مواد محدودة لأهداف محدودة. فلذلك ينظر لها أنها ماركسية علمية موضوعية، اكتشافيه, تعرض للجميع كأنها الماركسية الصحيحة.[10]

ماركسية مثقف العالم الثالث والموقف المعادي لليبرالية

يرى العروي بأن ماركسية المثقف العربي الموجودة مبنية أساسا على نقد الليبرالية باعتبارها قائمة ومتغلبة في الأفكار والأنظمة. ويعتبر العروي هذا الأساس إحدى أهم مظاهر ضعف ماركسية المثقف العربي. أي انه ينتقد شيء لم يعشه ولم تمر به حضارته, فهو ينسى الفارق الهائل بين موقفه  وموقف المثقف الأوروبي الذي يريد تجاوز ماركس. فالمجتمعات الغربية طبقت وعاشت الليبرالية, والماركسية نشأت كردة فعل لذلك. فحين يرفض المثقف الغربي الليبرالية او الماركسية المتأثرة بها فهو بذلك يرفض أشياء ملموسة حوله. أما رفض المثقف العربي الماركسي يغرق الماركسية في الاتجاهات البعيدة عن التاريخ فيستعملها لنقد الليبرالية لأسباب ذاتية على حساب احتياجات مجتمعه التاريخية فيختبئ تحت الشعارات التي تحرك وجدان المواطن العادي مثل محاربة الغرب والاستعمار والامبريالية الفكرية, فينسلخ فعلا عن السياسة ويتركها لصالح الفكر التقليدي كما عبر عنه العروي.[11]

أي ماركسية لمثقف العالم الثالث ان يتولى؟ ولماذا؟

إن الإخفاق في السياسة يأتي قبل كل شيء من الذاتية، وتفهم أسباب الإخفاق يدفع في بعض الظروف الى اكتشاف موضوعية السياسة ثم الى موضوعية المجتمع وأخيرا إلى موضوعية التاريخ. فالعودة للتاريخ بالنسبة للعروي هي بداية الطريق لمشروع سياسي يستوعب الهدف الأول والأساسي الذي هو دفع السياسي الثوري التقدمي الغارق في الممارسة الى الاقتناع بضرورة استيعاب أيديولوجيا "محددة" لمواجهة الصراعات الأيديولوجية الموجودة في الفضاء السياسي العربي الإسلامي حتى يجابه بها الفكر التقليدي المهيمن فلا معنى للهروب بداعي " العلمية الماركسية" والوقوع في فخ الماركسية المتفتحة العالمية (أي يصبح مثقف ماركسي بلا جواز) التي هي لا تعني المثقف العربي في ضروراته السياسية الراهنة, ويعقب العروي ويصف الماركسية بأنها ذلك النظام الذي يقوم بالتزويد بمنطق العالم الحديث, أي بجميع مراحله في منهج واحد. فيقر العروي بأن ماركسية إنجلز (الماركسية التاريخية) هي التي تحتاجها الأمة العربية، وذلك لأن إنجلز قام بتحرير المسائل الفلسفية وأعطى للماركسية طابعا شمولياُ ومبسطاُ وجعل منها "أيديولوجيا" جاهزة تنير العمل, أي الاقتناع اخيرا بنظرية شاملة للتاريخ. وينوه العروي قائلا أيضا: " لا أقول إن الماركسية التاريخية هي لب الماركسية وحقيقتها المكنونة، وإنما اكتفي بتسجيل واقع والتقيد به, وهو أن الأمة العربية محتاجة في ظروفها الحالية الى تلك الماركسية بالذات لتكون نخبة مثقفة قادرة على تحديثها ثقافياُ وسياسياُ واقتصادياُ ثم بعد تشييد القاعدة الاقتصادية يتقوى الفكر العصري ويغذي نفسه بنفسه."


ثبت المصطلحات والمفاهيم:

·         الليبرالية: هي فلسفة سياسية تأسست في القرن السابع عشر (عصر التنوير) على يد المفكر الإنجليزي جون لوك وهي قائمة على فكرتي الحرية والمساوة ومعنية بحرية الافراد وجعلها فوق كل حرية. مثال على ذلك، حرية التعبير, حرية الأديان والسوق الحر.
·         الراديكالية(اليسارية): هي الجذرية وهي فلسفة سياسية تؤكد الحاجة للبحث عن مظاهر الجور والظلم في المجتمع واجتثاثها وترتكز على تغيير البنى الاجتماعية باتباع أساليب ثورية. فالراديكاليون يبحثون عما يعتبرونه جذور الأخطاء الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المجتمع ويطالبون بالتغييرات الفورية لإزالتها.
·         الأيديولوجيا: النسق الكلي لـلأفكار و المعتقدات و الاتجاهات العامة الكامنة في أنماط سلوكية معينة. وهي تساعد على تفسير الأسس الأخلاقية للفعل الواقعي، وتعمل على توجيهه. وللنسق المقدرة على تبرير السلوك الشخصي، وإضفاء المشروعية على النظام القائم والدفاع عنه.
·         الاشتراكية الطوباوية (Utopian Socialism): هي نظرية مثالية تدعو الى بناء مجتمع إنساني سعيد يقوم على الملكية الجماعية والتساوي في توزيع المنتجات والعمل الإلزامي لكل أعضاء المجتمع.
·         الرأسمالية: هي نظام اقتصادي يقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وخلق السلع والخدمات من أجل الربح. تشمل الخصائص الرئيسية للرأسمالية الملكية الخاصة، تراكم رأس المال، العمل المأجور والأسواق التنافسية.
·         الإمبريالية: هي سياسة توسيع السيطرة أو السلطة على الوجود الخارجي بما يعني اكتساب أو صيانة الإمبراطوريات. وتكون هده السيطرة بوجود مناطق داخل تلك الدول أو بالسيطرة عن طريق السياسية أو الاقتصاد. مثال على ذلك, الولايات المتحدة وبريطانيا.
·         الأرستقراطية: هي تسمية لطبقة اجتماعية تتمتع وتمتاز ببعض الصفات الخاصة، وهي تمثل الأقلية الممتازة. وهي كلمة يونانية الأصل وتعني (حكم الأفضل)، وهذه الصفة متوارثة حتى هاجمتها الثورة الفرنسية. مثال على ذلك, الطبقات الحاكمة قديماُ
·         البرجوازية: هي طبقة اجتماعية ظهرت في القرنين 15 و16، تمتلك رؤوس الأموال والحرف، كما تمتلك كذلك القدرة على الإنتاج والسيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة للمحافظة على امتيازاتها ومكانتها. وهي التي قامت بالثورة الفرنسية على الحكم الاقطاعي والملكية.
·         البروليتاريا: طبقة العمال الكادحين المستغلة التي تكونت مع بداية العصر الرأسمالي في أنجلترا أولا ثم في أوروبا, وهي تعمل دون أن تملك شيئاُ.




مراجع وروابط مفيدة:
·         كتاب كارل ماركس "رأس المال", المجلد الأول
·         كتاب عبد الله العروي " العرب والفكر التاريخي"
·         كتاب عبد الله العروي " الأيديولوجيا العربية المعاصرة"











[1] البراكسيس مفهوم طوره المفكر الماركسي أنتونيو غرامشي وهو ربط النظرية والممارسة معاُ، أي العمل الموجه لتغير المجتمع
[2] هو مصطلح سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، يقصد به الدلالة على الدول التي لا تنتمي إلى العالمين الأول والثاني، وهما الدول الصناعية المتقدمة. ورغم بعض التحفظ على المصطلح ولكننا ستخدمه كما استخدمه العروي لدلالات التي لا تنتمي الى الدول الرأسمالية المكتملة..
[3] روبرت أون هو مصلح اجتماعي ويلزي, وأحد واضعي أسس الاشتراكية المثالية والحركة التعاونية https://en.wikipedia.org/wiki/Robert_Owen
[4] الموضوعة الثالثة حول فيورباخ, كتاب " اطروحات حول فيورباخ"
[5]  عبد الله العروي في كتابه " الأيديولوجيا العربية المعاصرة" ص 175
[6] مدخل للماركسية روب سيويل والان وودز ترجمة مدونة ما العمل ؟
[7] المصدر السابق
[10] عبد الله العروي " العرب والفكر التاريخي"
[11] المصدر السابق