Monday, May 16, 2016

سنة الأحلام الخطيرة - سلافوي جيجيك





قراءة في كتاب سنة الأحلام الخطيرة
سلافوي جيجيك

قراءة علاء با مطرف, مراجعة مي عبد الوهاب

كتب جيجك في محاولة لفهم عام 2011 كسنة للأحلام لكنها الأحلام الخطيرة بحسب وصفه وبحسب ما سيبين , من المعلوم أن الأحداث كانت سريعة ومجنونة سبقت الجميع إلى نموذج غير متوقع وغير مفهوم لحظتها, وهذه إحدى المحاولات للقراءة والتحليل, كان انتقاد العديد من القراء لجيجيك أنه لم يقدم وصفة علاج جاهزة, لكن المفارقة أن ملايين المتظاهرين لم يملكوا أصلاً مطالب واضحة ولم يقدموا وصفة علاج, ربما مازال الوقت مبكراً للخروج من الأحداث التي اجتاحت العالم في وقت واحد وبدت على البعض مثل الجنة المنتظرة وشاهدها آخرون  كأنها يوم القيامة, إن جيجيك هنا يحاول أن يقدم محاولة لفهم اللحظة التي غرقنا فيها جميعاً .
 يبدأ من محاولة فهم الرأسمالية الحديثة وتشكلاتها , إلى قراءة الأحداث العالمية من اليونان إلى المجر إلى حركة احتلوا وول ستريت إلى الربيع العربي , ويحلل مسلسل the wire باعتبار موضوعه عن النضال الطبقي, و يدافع  عن فلم 300 حيث هوجم الفلم باعتباره مثال على العسكرة الوطنية السيئة وإحالات واضحة للنزاعات الحديثة مع إيران والعراق , (( يمكن أن يدافع عن الفيلم بقوة في مواجهة هذه الاتهامات, إنها قصة دولة صغيرة اليونان تم غزوها من قبل جيش دولة أكبر منها فارس وفي هذا الوقت كانت أكثر تطوراً وبتكنولوجيا عسكرية أكثر تقدماً, أليست أفيال الفرس وعمالقتها وسهامها الكبيرة المحرقة هي النسخة القديمة من التسليح عالي التقنية ؟ ))
يقدم جيجيك تحليله الماركسي للأحداث  لكنه لا يقع في الجبرية التي وصف بها ماركس تطور الرأسمالية وربط علاقات الناس بها, يرى جيجيك أننا وصلنا إلى مرحلة صرنا نواجه فيها مشاكل ليس لها حلول لكنه يتخذ خطوة يرى أنها الأولى والمتاحة وهي التركيز على اللحظات المنفردة التي هي أعراض للأزمة الإقتصادية كمحاولة لفهم الطبيعة الكلية للمشكلة, وهوهنا  يقدم قراءة تحاول أن تخرج من الإطار العام الذي حاول تحييد الأحداث للخطاب الرأسمالي المهيمن تحت شعار الحريات والديمقراطية, يعيد القراءة من خلال النظرة العامة للأحداث متجاوزاً هويتها الوطنية الضيقة .

الإنفجار المعلوماتي .. عودة للشيوعية أم تطور للرأسمالية ؟

الإنفجار المعلوماتي هو أحد أهم التحولات في العصر الحديث, اتسعت فيه المساحة المتشاركة, المعرفة المتبادلة, الإتصال, لم يعد العمل مجرد عمل مادي .
يقرأ جيجيك هذا  الإنفجار من خلال رؤيتين متضادتين: الرؤية الرأسمالية الأيديلولجية التي تعتبر هذا التحول كشكل لتطورالرأسمالية من التراتبية الهرمية إلى التنظيم الذاتي, والرؤية الماركسية الأخرى والتي قرأها من خلال أطروحة هارد ونيجري حول إمكانية إستخدام هذا الشكل المتطور لرأسمالية الشركات ليكون إشتراكية داخل الرأسمالية .
يعترف جيجيك أن الرأسمالية نجحت في خصخصة المعرفة العامة على المستوى القريب وأن الإنفجار المعلوماتي كان من أسباب سقوط الإتحاد السوفييتي نموذج  الشيوعية التقليدية , لكنه لا يرى أيضاً  أن هذا التطور هو شكل من أشكال تطور الرأسمالية بل هو مجرد تغيير في الأسماء , صحيح أن البرجوازية القديمة لم تعد مؤثرة أو فاعلة في النظام الرأسمالي الحديث, لكن هذه الطبقة تم إستبدالها بطبقة من المدراء المستأجرين, هذه الطبقة الجديدة ملائمة لفائض القيمة الذي يعتبر مرتكز البرجوازية التقليدية و الذي يصبح فائض الأجر, حيث يبرر كما يقول بـ : ((لذلك يكون التقييم العلمي الزائف هو الذي يبرر مكاسبهم العالية )) .
ثم يطرح خطاب أنسنة الرأسماليةعلى أنه اعتراف بأنها وحش يتسبب في مشاكل الحروب وتدمير الطبيعة لكن السوق يحتاجه لتوليد الأرباح والثراء فلهذا تنشأ محاولة الأنسنة حيث علينا أن نحافظ على الوحش مع محاولة ترويضه ثم يطرح السؤال:((هل اللعب مع الوحش الرأسمالي هو حقاً اللعبة الوحيدة المتخيلة في النطاق ؟)) مؤكداً على أن محاولات أنسنة الرأسمالية هي مجرد  إسهام في العملية المطلوب قلبها. وهنا يناقش الخطاب الذي تروج له الرأسمالية الحديثة كشعار لها, ألا وهو خطاب الحريات , ويعيد قرأته كتهرب من تصريحهم بدعم الفقراء, حيث يصبح الصراع من أجل حقوق المرأة والجنسانية وتعدد الثقافات معتبراً أن الحرب الثقافية هي حرب طبقية في حالة إزاحة (( الطبقة الحاكمة ترفض الأجندة الأخلاقية للشعبويين فهي تتسامح مع الحرب الأخلاقية لأنها تعني الحفاظ على الطبقات الدنيا تحت السيطرة )) نافياً أن تكون هناك فائدة من الإختلاف  الثقافي  على العمليات الإجتماعية المعاصرة, إذ تبدو أنها مجردة في سياق منفصل وهذا ما لايمكن, جالباً الرهان الماركسي على وجود نضال طبقي يتمركز ككلية ثابتة, لا ينفي جيجيك هنا الصراعات الأخرى لكنه يردها لقراءة بنيوية :(( إنه لا يعني أن النضال الطبقي هو المرجع المطلق وأفق المعاني لكل النضالات الأخرى, إنه يعني أن الصراع الطبقي هو المبدأ البنيوي الذي يسمح لنا بأن نعتمد على الشمول المتناقض ))  مؤكداً على الفرق بين النضالات المختلفة تحت الليبرالية حيث الهدف هو تحويل التناحر إلى اختلاف ومشاركة سلمية للأجناس والديانات والمجموعات العرقية, بينما النضال الطبقي يريد تحويل الاختلافات الطبقية إلى تناحرات, في الليبرالية النضالات المعادية للعنصرية والجنسانية مقادة بالكفاح من أجل الإدراك الكامل للآخر أما النضال الطبقي فيستهدف إبادة الآخر أي التخلص من وظيفة البرجوازية الإجتماعية والسياسية.
يقرأ الحركات الشعبوية الجديدة في إطار معاداة الرأسمالية  فالخيار أمام اليونانين مثلاً صار عليك أن تأخذ الأخلاق الليبرالية الجديدة التي تكفل الحقوق والحريات مع حزمة لا تنتهي من القروض لن تفعل إلا إنهاك اليونان, فصار الطرف الآخر يرفض القروض بنزعة قومية ضيقة تنسف منظومة  الحقوق والحريات, (( قهوة الإحياء الديمقراطي, يمكن فقط أن تقدم بدون كريمة اقتصاد الليبرالية الجديدة )) وفي موضع آخر يتسائل : (( ولكن ماذا لو حصلنا على الديمقراطية وبقي الفقر, ماذا بعد ؟)) .
يرى جيجيك أن الطريقة الوحيدة للخروج من لعبة الأخلاق الليبرالية كما يسميها حيث نحاصر بسؤال التسامح, إلى أي حد يمكننا أن نضل متسامحين؟!, لن يكون إلا بالصراع من أجل مشروع عالمي مشترك للجميع ممثلاً بواقعة حدثت حيث انضمت مجموعة من اليهوديات المثليات للنساء الفلسطينيات المتظاهرات ضد الجدار, عدم الثقة الأولي المشترك ذهب مع أول مواجهة أمام الجنود الإسرائيلين (( لا تحترم الآخرين ولكن قدم لهم نضالاً عاماً , طالما أن أكثر المشاكل ضغطاً اليوم هي مشاكل نتشارك فيها )) .
تحت فصل بعنوان (( مرحبا في صحراء مابعد الأيديولوجيا )) يستمر في نقد الشعارات الرأسمالية, ناقداً أخلاقيات المتعة الجديدة, ينطلق من تمييز لاكان بين المتعة واللذة  فالمتعة هي فائض مميت أكثر منه لذة, حيث اللذة معتدلة ومضبوطة, تسوق الأخلاق الليبرالية لنفسها كأخلاق فتحت مجالات المتعة وتجاوزت الأخلاق التقليدية, لكن جيجيك يرى أن الرأسمالية استبدلت المحظورات القديمة بأخلاق الصحة الجديدة حيث كل شئ مباح طالما أنه يمارس بشكل صحي الكولا بدون كافيين, الجنس لكن بضوابطه الصحية, وهذا يجرد مبدأ المتعة من حقيقته (( المتعة منزوعة الكافيين التي نحصل عليها بالتالي هي شيء مشابه للمتعة )) يمثل بالتدخين الذي كان متاحاً ومشجعاً عليه بالإغراء أصبح محارباً نظراً لأنه يحارب الصحة .
ينتقل لقراءة مظاهرات لندن التي انفجرت بالعنف بدون أي مطالب مقدمة ولم يستطع أحد تفسيرها حيث النتيجة صفر لمحاولة الفهم (( الحقيقة الحزينة التي تقول إن معارضة النظام لا تستطيع أن تفصح عن نفسها في صورة بديل واقعي أو مشروع يوتيوبي متماسك على الأقل ولكنها فقط تأخذ شكل الاضطراب الخالي من المعنى, هي مؤشر خطير لعصرنا )) يقرأ جيجيك الأحداث على أنها صراع بين المتظاهرين الذين لا يملكون شيئاً ليخسروه وبين أصحاب المحلات الذين لديهم كل شيء ليخسروه, معتبراً الاضطرابات كرنفالا إستهلاكياً للهدم, (( أنتم تدعوننا إلى الاستهلاك بينما تجردوننا على الفور من إمكانية فعل ذلك بشكل منضبط لذلك نفعل ذلك هنا بالطريقة الوحيدة المتاحة لنا )) .
القراءة العامة لمظاهرات اليوم :

يرى بأنها شكل من أشكال الصراع داخل البرجوازية المستأجرة, حيث أصبح هناك تفاوت داخل هذه الطبقة في الأجر بين مجموعة ستنحدر إلى طبقة العمال ومجموعة أخرى تزداد مرتباتها وفوائدها, هذه الطبقة  التي تتنوع بين مدراء الشركات والشرطة والمدرسين وغيرهم من أصحاب الوظائف المضمونة و ذات الإمتياز, التظاهرات في الحقيقة لا تعكس الطبقة العاملة التي لم تعد قادرة على الإضراب اليوم حيث تحول أمان الوظيفة إلى امتياز, صحيح أن المظاهرات تقاد في الظاهر ضد المنطق الوحشي للسوق لكنها في داخلها تخفي قلقاً لطبقة البرجوازية المستأجرة من تأثير السوق على أجرها وأن تعود إلى الحد الأدنى من الأجر .
يشير إلى إمكانية راديكالية أكبر يمكن قراءتها وتوجيهها ويعطي وصفاً عاماً للحالة المشتركة التي طبعت التظاهرات,  حيث يصفها بأنها غضب أصيل لم يستطع تحويل نفسه إلى برنامج إيجابي (( روح ثورية بدون ثورة )), وأن النغمة السياسية الواضحة هي اللاسياسية, محذراً من الإعجاب باللحظات السامية للوحدة الوطنية حيث السؤال الأهم ماذا سيحدث بعد ذلك ؟ على التظاهرات أن تكون البداية وليست النهاية (( هذا ليس كافياً إذن .. على المرء أيضاً أن يبدأ في التفكير بجدية عما يريده من وضع التنظيم الاقتصادي المهيمن, أن يتخيل ويجرب أشكالاً بديلة من التنظيم ))   
  فعن تظاهرات إيران 2009 حيث يرى أن آية الله الخميني فقد وضعه كزعيم روحي وظهر كسياسي انتهازي وأن القوى التي خبت بعد ثورة 1979أي عودة المكبوت من ثورة الخميني كما يقول والتي تجابه السلطة المتهورة التي تقلق الملالي تقف خلفه طبقة جديدة من محدثي الثراء ممثلة بالحرس الثوري (( فمن المهم جداً أن نضع في ذهننا أننا شهدنا حدثاً تحررياً عظيماً . حدث لم يخضع لإطار النضال بين الليبرالين المؤيدين للغرب والأصوليين المعادين للغرب )) .
وقدم تحليله لردة فعل الغرب تجاه الربيع العربي حيث قدم الغرب مشروعاً واضحاً في تونس ومصر لكنه تجاهل سوريا وليبيا ثم تدخل عسكرياً في ليبيا وتردد في سوريا, ويصف ردة الفعل الغربية بالإنتهازية والعار ناقلاً قول توني بلير عن مصر أن التغيير ضروري ولكن يجب أن يبقى مستقراً (( سيتم إخبارنا مراراً وتكراراً أن الانتفاضات الشعبية في الدول العربية وكما هو واضح في إيران تنتهي دائماً بانتصار الاسلام المسلح, بالتالي سيظهر مبارك بأثر رجعي على أنه الأقل شراً والرسالة المتبقية الواضحة من الأفضل الإبقاء على الشيطان الذي تعرفه أكثر من أن تلعب مع التحررية )) مع العلم أن تنبأه سبق سير الأحداث حيث صدر الكتاب عام 2012 .
في محاولته لإيجاد المخرج يرى أن على القوى الليبرالية أن تتحالف مع اليسار الراديكالي لأن إخماد شعارات العدالة الإجتماعية وحصرها في الحريات السياسية سيفتح ثغرة للقوى الدينية حيث ستكون هي البعد الإجتماعي الوحيد للتحرر من سيطرة الرأسمالية, و سيدفع الوضع الاقتصادي الملايين من الجائعين إلى الشارع عاجلاً أو آجلاً .. 




الاسلام كماركسية للقرن الواحد والعشرين ..

ينطلق من قلب الشعار الذي وصفت به الماركسية على أنها إسلام القرن العشرين مستعيراً مقولة آندري تاجويف أن الإسلام باعتبارعنفه المضاد للرأسمالية يتحول إلى شيوعية القرن الواحد والعشرين, وفي تعليله  لصعود الفاشية الاسلامية والحركات الأصولية يردها لفشل اليسار (( ولكنه دليل فوري على أن هناك ثورية كامنة, عدم رضا لم يكن اليسار قادراً على تحريكه )), يؤكد جيجيك أكثر من مرة على أن المضمون الراديكالي في الاسلام ليس متوهماً وأن الخطاب الغربي الذي يركز على معاملة المرأة في الإسلام  يمكنه أن يجد شيئاً مختلفاً تحت السطح البطرياركي, حيث الفن والفلسفة كانت جزءاً من الحياة الطبيعية للناس في الاسلام  بعكس الغرب الذي كان الفن فيه محصوراً للطبقة المترفة, يمثل بقائد ثورة هاييتي[1] التحررية جون بوكمان أي رجل الكتاب حيث لفظ الكتاب يشير للقرآن ومستشهداً بثورة الزنج ودولة القرامطة, مطلقاً  عليها الثورات الشيوعية في الاسلام, (( لنجد الاسلام الجيد فنحن لسنا بحاجة لنعود إلى القرن العاشر نحن نجده هنا متكشفاً أمام أعيننا )) 

 لعبة الدولة والطبقة:

ينطلق من قراءة ثورة 1848 حيث استنتج ماركس أن التمثيل السياسي لا يعكس البنية الإجتماعية بشكل مباشر, ويمكن تلخيص النقاط التي حللها جيجيك لعودة حزب النظام بقيادة بونابرت حين انطفأت جذوة الثورة :
1-    الإعتماد على الفائض المهمل, القمامة المتبقية من كل طبقة, الدعم للبائس اجتماعياً : عائلات البرجوازية المحطمة, النصابون, الدجالون, المقامرون, القوادون, بائعو الملابس المستعملة, السمكرية, المسجونون المنتهية عقوبتهم ,  (( مبادرة للعمل العام ولكن العمل العام يزيد الالتزامات الضريبية على الناس: وبالتالي الانتقاص من الضرائب عن طريق الهجوم على أصحاب الدخول .. مضاعفة ضريبة الخمور للذين يشترون الخمور بالجملة, ويخفض إلى النصف ضريبة الخمر للطبقة المتوسطة التي تشرب كل المبيعات, حل جمعيات العمال الحقيقية, ولكن مع وعود بجمعيات مستقبلية إعجازية )) .
2-    الدور الخاص لليهود كدخيل أجنبي يفرض التهديد على هيكل المجتمع (( الطريقة التقليدية للتنصل من التناحر وتقديم موقف المرء كتمثيل للكل هو إلقاء سبب التضاد على متطفل أجنبي يمثل تهديداً للمجتمع ذاته كعنصر فائض على المجتمع )) .
3-    التصرف كممثل للطبقة غير الممثلة, التي لاتسطيع تمثيل نفسها, الفلاحون الصغار هي الطبقة المتوسطة سيئة السمعة كما يصفها جيجيك, حيث تريد أن تحافظ على طريقتها في العيش ولهذا تميل لمساندة الانقلابات الشمولية التي تميل لوضع حد للحراك السياسي المجنون (( من جهة أخرى فأعضاء الطبقة المتوسطة المتنكرين الآن في الغالبية الأخلاقية الوطنية كثيرة العمل المهددة هم المحرضون الرئيسيون على الحركات الشعبوية المتجذرة )) .
يعيد تعريف السياسة على أنها المسافة بين الاقتصاد وبين نفسه, الاقتصاد كما هو في نسقه المثالي والاقتصاد كما هو في نسقه الواقعي, منتقداً التأويل الماركسي الاجتماعي للنضال الطبقي, حيث يعتمد التأويل على منطقين يرى أنهما لايتبعان المنطق نفسه: الإقتصاد يحدد كل شيء في المرحلة الأخيرة, وكل شيء سياسي . بالنسبة لجيجيك فالنضال الطبقي مصطلح فريد يساند على الفور اللحظة السياسية غير ممكنة الإختصار في قلب الاقتصاد .
وداخل تحليله لنسق الدولة يبني انتقاده لماركس ولينين حيث تجاهل ماركس الأثر المترتب على صناعة الدولة ومدى تأثيره, اختصر ماركس الدولة إلى ظاهرة ثانوية للقاعدة الاقتصادية, (( بعيداً عن منع تنامي الدول الطاغية المتحررة من أي آلية للتحكم الاجتماعي , فهذا التجاهل فتح فضاء قوة غير مقيدة للدولة )) .
النموذج الرأسمالي للدولة يقرأه اليوم من خلال أمريكا التي تظهر نفسها كقوة عسكرية وأيديولوجية, حيث أصبح العالم مقسماً إلى أوروبا وأجزاء من أمريكا اللاتينية وأجزاء من آسيا  كقوة صناعية, وبقية العالم الثالث كمجموعة من العبيد, (( الرأسمالية العالمية جلبت نزوعاً عاماً جديداً تجاه الأوليجارشية – حكم الأقلية – مقنعة كاحتفاء بالتنوع الثقافي )) متنبئاً أن هذا العالم الجديد سينهار حيث أمريكا هي التي تحتاج العالم وليس العالم هو من يحتاجها .

في الفصل الأخير يقدم جيجيك نظرة ختامية حيث لايريد أن تقرأ هذه الأحداث كجزء من الماضي أو الحاضر بل كجزء من المستقبل حيث لاتوجد الآن حلول للخروج والنخب تفقد القدرة على الحكم والأكثر إزعاجاً كما يعبر أن الديمقراطية لم تعد نافعة, لكنه لا يبني تصوراً مثالياً عن المجتمع الشيوعي في المستقبل إنه يعود ليمارس شيوعية متحجبة كما يطلق عليها تقرأ الاشارات التي تأتي من ميدان التحرير مثلاً معللاً أن المستقبل ليس موضوعياً ولن يتحقق إلا من خلال انغماس ذاتي يدعمه, منتقداً اليسار الذي لا زال غارقاً في إخفاقات القرن الماضي, غير قادرعلى الرد في ظل حصول ماكان يتنبأ به من ركود اقتصادي وتفسخ اجتماعي, ويختم (( علينا أن نقبل تماماً هذا الانفتاح ولا نقود أنفسنا إلى شيء أكثر من الإشارات الغامضة من المستقبل ))




[1] انظر الموقع التالي لمزيد من المعلومات حول الثورة ثورة هايتي

1 comment:

  1. شركة تنظيف منازل بجدة
    لا داعى لبذل المزيد من الوقت والجهد واستعن بأفضل شركات التنظيف بجدة شركة المنزل فهى افضل شركة تنظيف بجدة تقدم جميع خدمات التنظيف التى ترغب فى الحصول عليها بأقل الاسعار فهى شركة تنظيف منازل بجدة, شركة تنظيف فلل بجدة, تنظيف مجالس بجدة, تنظيف شقق بجدة
    شركة تنظيف فلل بجدة
    http://elmnzel.com/%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%81/cleaning-jeddah/

    ReplyDelete